صفقة القرن : الأوهام الصهيونية – الأمريكية من مدريد إلى أوسلو إلى المنامة
كرم فواز جباعي
وكالةإيران اليوم الإخبارية رئيس القسم العبري
– ليكن بعلم من يريد أن يعلم أن مشروع التسوية الجديد والمسمى ( صفقة القرن) لا يخرج عن سابقيه من حيث استراتيجية إدارة الصراع وإعادة الأطراف ،وخصوصا الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات إدارة ترامب غير معنية بالسلام لا في فلسطين ولا في أية منطقة في العالم بل إن ما تروجه هو إدارة الصراعات لتحقيق مصالحها ومصالح حلفائها ما دامت الصراعات والحروب خارج أراضيها ونفقاتها تأتي من أموال الدول المتصارعة نفسها أو بابتزاز حلفائها المُهدَدين من هذه الصراعات كما أن هذه الحروب تمنح الجيش الأمريكي فرصة و ساحة تدريب حقيقية وباللحم الحي لاختبار أسلحته المتطورة ،دون تجاهل صفقات الأسلحة المُقدرة بمئات مليارات الدولارات ،هذا بالإضافة إلى تحسين مواقعها الجيوستراتيجية في مواجهة منافسيها وخصومها الكبار كروسيا والصين وأوروبا . ولاشك ان إدارة ترامب تتقن مثلها مثل الإدارات الأمريكية السابقة طرح مشاريع وتصورات للقضية الفلسطينية وللشرق الأوسط بشكل عام وتحت مسميات مختلفة وكلها مشاريع غير قابلة للتنفيذ عمليا أو أن ما هو مُعلن عنها رسميا من أهداف – غير ما تُضمر الإدارة الأمريكية ومتعارض مع ممارساتها وممارسات إسرائيل على الأرض . وهكذا من مؤتمر مدريد للسلام 1991 إلى أوسلو 1993 وخطة خارطة الطريق 2003 إلى الشرق الأوسط الكبير 2004 وبعده الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة 2006 وأخيرا ما تسمى صفقة القرن والتي آلت لمشروع السلام الاقتصادي كما سيتم ترويجه في ورشة العمل في المنامة -البحرين في الشهر القادم . طوال عقود من التعامل مع والمراهنة على هذه المشاريع للتوصل لحل سياسي أمريكي منصف للفلسطينيين والعرب للصراع في الشرق الاوسط كان مآل المراهنين مثلهم مثل مآل مَن يجري وراء السراب واوهام جاذبة من صنيعة الصهيونية العالمية تحاك هناك في اروقة ايباك وغيرها هذه الصيرورة التي آلت إليها هذه المشاريع ليس سببها أن العرب لا يريدون الاستقرار والديمقراطية أو أن الفلسطينيين لا يريدون الحل السلمي العادل بل لأن واشنطن وتل أبيب لا تريدان لا استقرارا ولا سلاما بل تريد من العرب ان يكونوا سوقا للسلاح (البقرة الحلوب) وترامب لم يخجل بذلك بل اعلنها بالصوت العالي جدا الكيان الصهيوني يعيش عصرها الذهبي الان في ظل التشرذم العربي عموما والفلسطيني خصوصا حيث لا توجد مصادر تهديد حقيقي لها تأتيها عبر حدودها – ما كانت تسمى دول الطوق – والنظام السياسي الفلسطيني الآن وفي ظل الانقسام ومع نفس النخب السياسية الحاكمة أبعد ما يكون عن تشكيل تهديد حقيقي (لإسرائيل) كما أن الأهداف الاستراتيجية الأمريكية كما تم تحديدها منذ الحرب الباردة تتحقق اليوم سواء ما يتعلق بالتحكم الأمريكي بالنفط والغاز انتاجا وتسويقا أو ببلقنة المنطقة وتفتيتها أو بنشر القواعد العسكرية أو ضمان التفوق الإستراتيجي والعسكري لإسرائيل على كل الدول العربية زد على ذلك ازدهار صناعة الاسلحة الامريكية وتسويقها للدول العربية تحت مسميات كاذبة على راسها – التهديد الايراني للخليج – اضافة الى اشعال الحرائق في كل الدول العربية تحت اسم – الربيع العربي – والاصح الخراب العربي وبعد هذا نجد كثيرون تحدثوا وما زالوا يتحدثون عن فشل السياسة الأمريكية ومشاريعها في الشرق الأوسط ، وفي ظني أن واشنطن لم تفشل بل انجزت كثيرا من أهدافها في المنطقة ،وواقع حال العرب والفلسطينيين اليوم مقارنة بواقع (إسرائيل) والمصالح الامريكية يؤكد ذلك أي انجزت اقتصاد حرب قوي للولايات المتحدة الامريكية وفشلت وستفشل في المشاريع السياسية بسبب ان محور المقاومة مازال وسيبقى الشوكة القوية في عيون الكيان الغاصب وامريكا مؤتمر العار : إن مؤتمر المنامة الذي يهدف إلى دمج كيان الاحتلال ضمن مكونات المنطقة العربية وفرضه واقعاَ مقبولاً في الشرق الأوسط الجديد ، وتصفيه القضية الفلسطينية بأموال وأيدٍ عربية للانطلاق بعدها إلى تمرير مشاريع استعمارية فى الأقطار العربية ، وهذا يحتم على كافة الفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية والنخب والقوى في العالم العربي التصدي لهذا المؤتمر بكافة الأشكال التي تحول دون تمرير صفقة القرن وأدواتها وأساليبها فالقضية الفلسطينية ليست قضية اقتصادية أو إنسانية إنما هي قضية سياسية قضية شعب يسعى للتحرر من براثن الاحتلال والاستعمار ، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس طال الزمان أو قصر وسيزول ستار الدخان الذي تصنعه الإدارة الأمريكية ، لتكشف الحقيقة لمن يراهن على ترامب وإدارته وسيعلموا أن الصمود العربي الفلسطيني هو الجدار الأخير للأنظمة التي لازالت تتربع علي عروشها وتبع وتشتري بقضايا العرب المصيرية لقد قررت الولايات المتحدة الأمريكية عقد مؤتمر البحرين والذي سيعقد يومي 25 و26 يونيو المقبل لوحدها وادعت انها ستقدم الدعم الفلسطينيين على حد تعبيرهم ضمن خطة السلام والذي يأتي في ظل تصميم الإدارة الأمريكية بزعامة ترامب علي أن يكون شعار مرحلة ما بعد الحرب الباردة ، وتفكك الاتحاد السوفيتي بالمصطلح الذي أصبح سائداَ لوصف الإدارة الأمريكية بأنها وحيد القرن بعد سقوط الثنائية القطبية ويبدو أن ترامب وإدارته أصبحت مولعة بكلمة القرن والقرون ، وكما هو معروف بأن وحيد القرن هو حيوان بري ذو قرن يختلف عن بقيه الحيوانات التي تعيش في البراري والغابات ولا يريد ترامب أن يري قرناً غير قرنه ويريد أن يضع سياسة الغاب في مربعه السياسي ، ولا يجوز لأحد أن يكون خارج هذا المربع وإلا طاله نصيب من قرنه لذا قام بخطوات استفزازية فمنذ مجيئة اعلان عن الحلف الشيطاني مع نتنياهو واليمين المتطرف الإسرائيلي وبعد الإعلان علي أن القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي ، ونقل السفارة الأمريكية إليها وإعلان السيادة للكيان الإسرائيلي على الجولان المحتل ،وقد سبق ذلك الجباية الضريبية التي قررها ترامب عندما حصد 400 مليار دولار من المملكة السعودية ،واليوم يقرر ترامب عقد مؤتمر المنامة فى البحرين بما يتوافق مع مربعه السياسي تحت شعار “السلام من أجل الازدهار” ، وهذا المؤتمر الذي سيعقد في البحرين هو صوت الإدارة الأمريكية وصداه في مربعات الأنظمة السياسية التى تدور في الفلك الصهيو- أمريكي لإحكام السيطرة على مقدرات الأمة العربية بما يتوافق مع عقلية الاستعمار الذي يمثل رأس حربته كيان الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على أرض فلسطين ، لذلك يوصف هذا المؤتمر بأنه صدى الصوت الواحد ، وبمعنى أدق القرن الواحد فى ظل غياب أصحاب القضية الرافضين لمثل هذه المؤتمرات ولكافة المشاريع التصفوية لقضية فلسطين التي هي صمام الأمان لأمة العرب رغم ما تتعرض إليه من استهداف من العدو والصديق . ومن جمَّعَتهم في مؤتمر البحرين يملكون ولا شك المال والسلاح ولكنهم لا يملكون الحق في التصرف بمصير الشعب العربي – الفلسطيني
وكالةإيران اليوم الإخبارية رئيس القسم العبري_كرم فواز جباعي