مخططات ضم الضفة الغربية..المستقبل القاتم أمام “إسرائيل”
ترى الأحزاب المتوقع انضمامها لحكومة نتنياهو المقبلة في دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، لـ”إسرئيل” وسياسات الضم، أنها تشكل فرصة سانحة لضم قسم كبير من الضفة الغربية. ويقول محللون:
إن نتنياهو بات الآن يتبنى هذه المخططات والمقترحات، حسب تصريحاته خلال حملته الانتخابية. الفرصة السانحة وتعدّ أحزاب اليمين أن الفرصة سانحة للضم في أعقاب الفوز في انتخابات الكنيست للمرة الرابعة تواليًا، ودعم ترمب غير المسبوق، وضعف الاتحاد الأوروبي، وضعف الأمم المتحدة، والحروب في العالم العربي، والانقسام الفلسطيني. ورأى الخبير الجغرافي والباحث الإسرائيلي، شاؤول أريئيلي، وهو ضابط سابق، أن إقدام “إسرائيل” على ضم المنطقة C، التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية، “سيعبر عن تغيير جوهري لسياسة الحكومات الإسرائيلية الأخيرة”.
ووفق الباحث الإسرئيلي؛ فإن الحكومات دأبت بالسابق على تنفيذ “ضم زاحف” من خلال سلسلة خطوات، مثل توسيع المستوطنات، وضمها فعليا بواسطة “الجدار الأمني”، والبناء في الأحياء اليهودية (المستوطنات) في شرقي القدس، وشق طرق التفافية، وتقييد التطوير الفلسطيني في المنطقة C، وهدم بيوت بدعوى أنها غير مرخصة، ومؤخرا تعميق التفريق بين السكان اليهود والفلسطينيين بواسطة سلسلة خطوات تشريعية. وأضاف أريئيلي، في مقال في صحيفة “هآرتس”، الجمعة، أن حكومة نتنياهو لم تعد تميّز بين الكتل الاستيطانية والمستوطنات القريبة من “الخط الأخضر”، التي كانت ضمن بند “تبادل الأراضي”، وبين المستوطنات “المعزولة”، الواقعة في عمق الضفة. وعلى سبيل المثال، صدّق نتنياهو الأسبوع الماضي، على شق شارع التفافي في حوارة بمنطقة نابلس، بتكلفة 260 مليون شيكل، لمصلحة أربع مستوطنات “معزولة”، يسكنها 7500 مستوطن، وذلك في إطار مخطط بتكلفة 5 مليارات شيكل. كما صدّق مجلس التعليم العالي الإسرائيلي على تأسيس كلية طب في جامعة مستوطنة “أريئيل”.
وشدد أريئيلي على أن هدف نتنياهو وعدد من الوزراء وأعضاء الكنيست هو إلغاء حل الدولتين، “ولكنهم سيمتنعون عن التهديد بضم المنطقتين A وB أو إعادة الحكم العسكري إليهما، وهم مقتنعون أن بإمكانهم إدارة الضم وفقا لمشيئتهم”. وأردف محذرا من أن “تقديرات وتوقعات مسؤولين كبار سابقين في جهاز الأمن والسياسة الخارجية والاقتصاد مختلفة بالكامل”. وأكمل: “وضم المنطقة C أو جزءٍ منها سيؤدي إلى موت رسمي لاتفاقيات أوسلو، وتفكيك السلطة الفلسطينية، ووقف التنسيق الأمني وموجة عنف شديدة للغاية”.
وتابع: “وهذه كلها ستضطر إسرائيل إلى إعادة السيطرة على منطقتي A وB، وإعادة إنشاء الإدارة المدنية من أجل إدارة حياة 2.6 مليون فلسطيني، وحتى فرض القانون الإسرائيلي عليها لاحقا”. وتابع أريئيلي أن وضعا كهذا يعني “تغيير سلم الأولويات لغايات الصهيونية، بتفضيل أرض إسرائيل الانتدابية على حساب أغلبية يهودية صلبة ونظام ديمقراطي في دولة إسرائيل.
وهذا سيكون انهيارًا جليديًّا، تحدد حجمه وسرعته جهات إقليمية وعالمية. لكن إذا اختارت إسرائيل المبادرة إليه، فإنها ستدفن الحلم الصهيوني في نهاية المطاف”. ووفقا لأريئيلي؛ فإن مخططات ومقترحات كهذه التي تطرحها حكومة اليمين الجديدة ليست مدروسة إستراتيجيًّا، وهدفها “دفع أيديولوجيات خلاصية وقومية ممزوجة بمصالح سياسية شخصية على حساب الرؤية الرسمية الشاملة”.
وتابع: “وازدياد قوة القوميين- الخلاصيين في الحكومة المستقبلية سيزيد من عدد أولئك الذين يستخفون بقوة التهديدات المحتملة المتوقعة لإسرائيل جراء خطوات الضم، ولذلك فإن ثمة احتمالًا أنهم لن يرتدعوا من تغيير الوضع الحالي من أجل تحقيق حلمهم”. واقع قاتم وتوقع أن “إسرائيل ستجد نفسها في مكان عميق داخل واقع قاتم، خالٍ من سلطة فلسطينية، وفي أزمة شديدة مع مصر والأردن وفي مواجهة سياسية مع الأوروبيين. وإذا تداركت الأمر، فستسعى إلى الخروج من هذا الوضع. والتجربة التاريخية لـ25 سنة ’عملية أوسلو’ تدل على أن إسرائيل اختارت الخروج من أزمة وتصعيد عنيف من خلال إحدى الطرق التالية: ”
خطة انفصال أو انطواء’؛ أي إخلاء مستوطنات معزولة، ونقلها إلى ’الكتل الاستيطانية’، وإكمال ’الجدار الأمني’، والحفاظ على الوجود الأمني عند حدود الأردن وعلى القدرة للتدخل في جميع مناطق يهودا والسامرة (الضفة الغربية). ويتوقع أن تواجه هذه الخطة صعوبات كثيرة بسبب عدم وجود هيئة سلطوية فلسطينية قادرة على تحمل المسؤولية عن المناطق الفلسطينية. وأفضلياتها بالفصل بين الشعبين ومنع الاحتكاك والاحتفاظ بالأمن كله بأيدي إسرائيل…”.
الطريق الثانية تقضي أن تستأنف إسرائيل المفاوضات مع الفلسطينيين وفقا للمعايير القائمة. وبالإمكان التقدير أن الفلسطينيين سيتمسكون بموقف صارم أكثر من موقفهم اليوم حيال قضايا الحل الدائم الأربع؛ الحدود والأمن والقدس واللاجئين، والمستوطنات أيضا. والطريق الثالثة هي أن تطرح إسرائيل ’خريطة طريق’ جديدة مؤلفة من ثلاث مراحل يتم تنسيقها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و’الرباعية العربية’، أي مصر والأردن والسعودية والإمارات، والقيادة الفلسطينية في الشتات.
ويمكن أن تشمل المرحلة الأولى خطة انطواء كتلك المذكورة أعلاه أو أجزاء منها، الاعتراف بفلسطين في حدود مؤقتة واستئناف المفاوضات حول الحل الدائم. ويتم في المرحلة الثانية التوقيع على اتفاق دائم يشمل تدخلا إقليميا. ويتم في المرحلة الثالثة تطبيق تدريجي للاتفاق الدائم، بتدخل عربي ودولي”. وخلص أريئيلي إلى أن “نتنياهو يفضل على ما يبدو السير ضمن جوقة اليميني الخلاصي- القومي وجرّ دولة إسرائيل معه”.